رسم بيكاسو هذه اللوحة عام 1937م بعد أن قصف الطيران النازي الألماني قرية جورنيكا في شمال إسبانيا و قضى على عدد كبير من سكانها .
و قد أصبحت تلك اللوحة رمزا عالميا لتصوير أهوال الحرب ، و ضم مبنى الأمم المتحدة صورة منها .
و لذلك فقد تم توظيف تلك اللوحة من قبل المناهضين لحرب أمريكا على العراق .
يرى كثيرون أن لِـعشيقة بيكاسو ( دورا مار ) أثرا كبيرا في توجيه بيكاسو لإبداع هذه اللوحة ، فقبلها لم يكن بيكاسو يهتم سوى بالرسم ، و لكنها أثّـرت فيه و جعلته ينحاز إلى بعض المواقف السياسية فكانت هذه اللوحة .
حين عرض بيكاسو لوحة الـ ( جورنيكا ) لأول مرة عرض معها 60 رسما تحضيريا ، تضمنت دراسات عن الخيل و الثور و أشلاء بعض الجثث ، مما يدل على أن بيكاسو يخطط جيدا لما يريد تقديمه للمتلقي و إنْ تظاهَـرَ بالعفوية و التلقائية .
وقــفــة فــنــيــة :
هاجم النقاد في البداية اللوحة و قال بعضهم إن بإمكان طفل في الرابعة أن يرسم أفضل منها . و لكن بعد ذلك أخذت اللوحة حقها من التكريم و عَـدّهـا النقاد أهم وثيقة تدين العدوان على مر التاريخ .
و قد ألزم فيها بيكاسو نفسَـهُ باللونين الأبيض و الأسود مع درجات متفاوتة من اللون الرمادي ، و حَـرَمَ نفسه من استخدام الألوان الأخرى كالأحمر و الأصفر و الأزرق و هي الأكثر قدرة على التعبير . و لكن في مقابل ذلك أصر بيكاسو على أن تكون أي لمسة في اللوحة رمزا على المأساة التي يعانيها أناس باغَـتَهم شبح القتل .
و نلاحظ أن ضوء المصباح قد تسلط على الأعضاء المشوهة و ذلك لـتكثيف الإحساس بفظاعة الحرب .
كما نلاحظ أنه لا أثر للمعتدين بحيث تم الاكتفاء بتصوير الضحايا .
و فيما يلي تحليل لبعض رموز اللوحة :
الثور : يرمز لوحشية النازي و قواه المخرِّبة .
الحصان : يرمز لأسبانيا الجريحة التي تتألم و تصرخ من آثار هجوم النازي .
الرأس التي تصيح و الذراع التي تحمل المصباح : يشيران إلى الضمير البشري الذي يلقي ضوءا على هذه المأساة و يلومها .